من جديد، يُصر المجلس الوطني للإعلام على الذهاب إلى التدخّل بشكل أوسع في عمل وسائل الاعلام الإلكترونية، عبر الطلب منها التقدم بطلبات إلى المجلس للحصول على بطاقة صحفيّة، على أن يتضمن الطلب صورة عن العلم والخبر الصادر عنه، صورة عن الهوية، السجل العدلي، تعريف فئة الدم وصورة شمسية.
في تقرير لجنة الطوارئ، الصادر عن المجلس، أعلن أنه سيبلغ وزارتي الداخلية والدفاع والجهات الأمنيّة بأسماء الذين يحصلون على البطاقات ويأمل تسهيل مهمّتهم، طالباً من المطابع الإمتناع عن طبع أيّ بطاقة صحفيّة لوسائل الإعلام الإلكترونيّة تحت طائلة المسؤوليّة، الأمر الذي أثار موجة واسعة من الإعتراض في صفوف الاعلاميين في هذه المواقع وأصحابها، خصوصاً تلك الفاعلة منها، نظراً إلى أن ليس هناك ما يمنح المجلس هذه الصلاحيّة، ناهيك عن أنّه يعمل، منذ سنوات، على محاولة الدخول على هذا الخط، مستغلاً غياب الإطار التنظيمي الواضح، في ظلّ عدم تحديث القوانين المعنيّة بالإعلام.
حتى الساعة، القسم الأكبر من وسائل الاعلام الالكترونيّة الواسعة الإنتشار يرفض ما يطرحه المجلس الوطني للإعلام على هذا الصعيد، لا بل هناك من يحمّله مسؤوليّة حالة التفلّت الحاصلة على أكثر من صعيد، خصوصاً أنّه لم يبادر، عند إبتكار لائحة العلم والخبر التي يطلب من المجلس التسجيل فيه، إلى تحديد معايير واضحة يتم التسجيل على أساسِها، ما خلق حالة من الإرباك الإضافيّة بسبب وجود المئات من المواقع الحاصلة على العلم والخبر بالرغم من أنّها غير عاملة.
في هذا الإطار، ترى مصادر نقابة المحررين أن في البيان الصادر عن المجلس نقطة أساسية من المفترض أن يصار إلى توضيحها، تتعلق بضرورة أن يتم التأكيد بأن هذا الإجراء موقّت ينتهي مع إنتهاء الإجراءات الإستثنائيّة في البلاد، بالإضافة إلى ضرورة غربلة لائحة العلم والخبر وإعتماد معايير جيّدة وصارمة، منها على سبيل المثال أنْ يكون لدى الموقع أكثر من 5 موظفين مسجّلين في الضمان الإجتماعي، ما يساعد في عمليّة التنظيم لاحقاً.
وتشير المصادر إلى أنه بذلك يتحرّر المجلس من رعاية شقّ ليس من صلاحياته المباشرة، وتشدّد على ضرورة عدم المساواة في البحث بين وسائل اعلام إلكترونية جدية تقوم بعمل محترف وتوفر فرص عمل لعدد من الصحافيين لديها، وبين أخرى تتحصن بالعلم والخبر من أجل أن يكون لها حضور في المشهد الإعلامي غالباً من خلال صاحبها، وذلك لغايات قد تتجاوز العمل الإعلامي.
من جهته، يلفت رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ، في حديث لـ"النشرة"، إلى توافق حصل في لجنة الإعلام والإتصالات السابقة بأن يأخذ العلم والخبر من المواقع الإلكترونية، ويلفت إلى أنه حينها أخذ هذا الموضوع ضجّة كبيرة قبل أن يتمّ السير به من قبل الجميع، بالإضافة إلى أنّ الجهات الأمنيّة تريد أن تتولى جهة رسميّة منح البطاقات، ويشير إلى أن حتى وسائل الإعلام المرئي والمسموح يتم منعها من العمل في الليل، ويؤكّد حصول تواصل معه للحصول على تصريح، وبالتالي هذا تعزيز لدور المواقع الإلكترونية.
ويشدّد محفوظ على أنّ الإعتراض الأساسي مصدره نقابتي الصحافة والمحررين، داعياً اياهما إلى تنسيب المحررين لديهما، لافتاً إلى أن النقابتين هما من كان يرفض ذلك، ويضيف: "ليتم تنسيب العاملين في المواقع لديهما وإدخالهم في الضمان الإجتماعي والصحّي ولا نريد كل هذه القصّة"، ويؤكّد أن هدف المجلس هو حماية المواقع التي لا تزال حتى الآن دون أيّ تشريع.
أما بالنسبة إلى إعتراض المواقع، يقول: "لتعترض ولتجعل بطاقاتها فاعلة لدى الدولة ونحن لن نعترض"، ويلفت إلى أنّ الوضع يختلف اليوم عن السابق في ظلّ مرحلة التعبئة العامة، ويؤكّد السعي إلى وقف المواقع التي لا تحوز على العلم والخبر وضبط تلك التي تتولى الترويج للشائعات، ويضيف: "هناك مواقع تعمد إلى بيع البطاقات الصحافيّة مقابل مبالغ ماليّة".
أمام هذا الواقع، من الضروري التأكيد أن الاعلام الإلكتروني لا يرفض الخضوع إلى القانون أو أن يتم تنظيم عمله، بل على العكس من ذلك هو من يسعى ويطالب بذلك، لكن اليوم لا يجب تحميله مسؤولية تقاعس السلطة التشريعيّة عن القيام بواجبها على هذا الصعيد، وبالتالي المطلوب وضع هذا الأمر على طاولة البحث بشكل جدّي.